سوق لشراء الأطفال والدعارة القسرية.. مظاهر الاتجار بالبشر في مخيم "دزاليكا" للاجئين بملاوي

سوق لشراء الأطفال والدعارة القسرية.. مظاهر الاتجار بالبشر في مخيم "دزاليكا" للاجئين بملاوي
مخيم "دزاليكا" لاجئين بملاوي

تروي فتاة تبلغ من العمر 16 عاما من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي واحدة من بين الضحايا الذين أنقذوا من الدعارة القسرية، في أحد مخيمات اللاجئين بملاوي من قبل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) ودائرة الشرطة الملاوية، قصتها قائلة: 

“وصلت إلى المخيم في عام 2009 بعد أن غادرت وطني بسبب النزاع، كان عمري وقتها 10 سنوات، وذات مساء في ملهى ليلي داخل المخيم، اقترب مني رجل وأخبرني أنه يتعرف على الأشخاص الذين يتعرضون للاستغلال”.

وأوضحت الفتاة أنها في البداية لم تصدق الضابط أو تثق به، قائلة “لم أصدق كل الرجال كانوا عنيفين ويرغبون فقط بممارسة الجنس”.

وتابعت قصتها قائلة: “في ذلك المساء، تعرضت للضرب من قبل أحد زبائني لأنني رفضت ممارسة الجنس بسبب جرح بجسدي كان ينزف، وكان من الواضح أنني أتألم، بينما كان الضابط لطيفا واصطحبني إلى منزل آمن”.

والآن، تحضر الفتاة إلى (UNODC) لتلقي دروس لمحو الأمية على الكمبيوتر، وتأمل في العودة إلى منزلها قائلة: “في المستقبل، أود أن أصبح معلمة، وأريد أن أجتمع بشقيقي الذي لم أره منذ فترة طويلة”.

وكان مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) ودائرة الشرطة الملاوية قد كشفا عن انتشار استغلال رجال ونساء وأطفال في مخيم دزاليكا للاجئين في ملاوي، وأنه يجري الآن اتخاذ إجراءات لتفكيك شبكات الاتجار بالبشر العاملة داخل المخيم، والتعرف على الضحايا وإنقاذهم وتقديم المسؤولين للعدالة.

وقال ماكسويل ماتيوير من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة: "لقد كان الوضع أسوأ بكثير مما توقعناه في البداية".

وكان ماتيوير قد زار المخيم في البداية في أكتوبر 2020، حيث قام بتدريب موظفي المخيم وضباط إنفاذ القانون على كيفية اكتشاف حالات الاتجار بالبشر والاستجابة لها.

وأضاف: “لقد شاهدتُ شيئا يسمى (سوق الأحد)، حيث يأتي الناس لشراء الأطفال الذين يتم استغلالهم بعد ذلك في حالات العمل القسري والدعارة”.

وقام مكتب الـ UNODC بتدريب وتوجيه 28 من مسؤولي المخيم وموظفي إنفاذ القانون الذين يشاركون الآن في تحديد الضحايا والتحقيق في حالات الاتجار، وسيدرّبون زملاء آخرين في مراكز الشرطة على نقاط العبور الحدودية، ومنذ التدريب وتنفيذ إجراءات جديدة لمكافحة الاتجار بالبشر، تم تحديد أكثر من 90 ضحية للاتجار بالبشر وإنقاذهم.

ووضع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة المبادئ التوجيهية لتحديد الضحايا وإنقاذهم وإحالتهم (إلى أماكن آمنة) بدعم من مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة.

وقال مساعد الحماية الميدانية في مكتب مفوضية شؤون اللاجئين الذي يدعم عمل مكتب UNODC في مخيم دزاليكا للاجئين، أوين نياسولو: “لن تتخلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين -مع جميع شركائها- أبدا عن جهود وقف بلاء الاتجار بالبشر والتهريب في صفوف اللاجئين في ملاوي”.

ومعظم الضحايا الذين تم إنقاذهم من الرجال من إثيوبيا، تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما، وثمّة فتيات ونساء أيضا، تتراوح أعمارهن بين 12 و24 عاما من إثيوبيا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

وجرت مساعدة بعض الضحايا على العودة إلى البلدان الأصلية، بينما يتم تقديم الرعاية لآخرين في منازل آمنة، فيما طالب الكثير من الأشخاص الذين تم تحديدهم على أنهم ضحايا للاتجار بالبشر عند المعابر الحدودية، بإعادتهم إلى المخيم لطلب اللجوء.

ويقول ماكسويل ماتيوير: "قبل تدخلنا، كان ضحايا الاتجار بالبشر يوضعون في زنازين الشرطة أو السجون إلى جانب المجرمين، الآن تتم إحالتهم إلى منازل آمنة مجهزة خصيصا ساعدنا في تجهيزها قبل وصول الضحايا.

وتم التعرف على أنماط مختلفة من الاتجار بالبشر في مخيم دزاليكا للاجئين، حيث يُتاجر بالأطفال داخل المخيم وخارجه للعمل في المزارع والعمل المنزلي.

ويجري استغلال النساء والفتيات جنسيا داخل دزاليكا في ملاوي أو يتم نقلهن لغرض الاستغلال الجنسي إلى بلدان أخرى في جنوب القارة الإفريقية، ويتعرض اللاجئون الذكور للعمل القسري داخل المخيم أو في المزارع في ملاوي ودول أخرى في المنطقة.

ويُستخدم المخيم كمركز لإعداد ضحايا الاتجار بالبشر، حيث يقوم المتاجرون بتجنيد الضحايا في وطنهم بذرائع كاذبة، ويرتبون لهم عبور الحدود إلى ملاوي ودخول المخيم.

واستنادا للعمليات الناجحة الأخيرة في المخيم والتي دعمتها معلومات استخبارية، لدى الشرطة الآن مزيد من المعرفة حول الطبيعة الدولية لشبكة الاتجار. 

تابع ماتيوير يقول: “هناك أدلة على أن عملاء شبكة الاتجار بالبشر يعثرون على الضحايا في إثيوبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبوروندي ويعرضون عليهم فرص عمل في جنوب إفريقيا – القوة الاقتصادية في القارّة”.

وأضاف أنه في المخيم، يتم إبلاغهم بأنهم بحاجة إلى سداد الديون المترتبة على تهريبهم إلى ملاوي ويتم استغلالهم هناك أو نقلهم إلى بلدان أخرى في المنطقة للعمل القسري.

حتى الآن، تم القيام بخمسة اعتقالات والقضايا لا تزال جارية، والمهرّبون المشتبه بهم هم من ملاوي وإثيوبيا وبوروندي ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

مع ذلك، وفقا لدائرة الشرطة في ملاوي، فإن الجهود المبذولة لإدانة المتاجرين بالبشر ومهرّبي المهاجرين تتعرّض للعراقيل لأن الأشخاص المتضررين يخافون من الإدلاء بشهاداتهم في المحكمة.

يذكر أن مخيم دزاليكا للاجئين، وهو الأكبر في ملاوي، أقيم في عام 1994، وهو موطن لأكثر من 50 ألف لاجئ وطالب لجوء من 5 بلدان مختلفة، تم تصميمه في الأصل لاستيعاب 10 آلاف شخص فقط.
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية